شرعنة الإنحراف في الغزو الغير أخلاقي

image_pdfimage_print

من مواضع الحيرة التي أصابت شبابنا وجود القرآن الكريم في استدلالات المروجين لعادة ما او فكرة ما مما جعل الجميع تحت طائلة التيارات الفكرية التي أخذت تأخذ من قلوبهم مأخذا عظيما.. وقد طالت هذه الأفكار حتى المتدينين الذين لا يعرفون مدى مصداقية الفكرة نظرا لكونهم ليسوا من أهل الإختصاص..
وهناك في أفكار العولمة والهيرومنطيقا فن يختص بالأديان والتدخل فيها بطريقة صنع الخطاب المزدوج الذي يمكن من خلاله جمع القواسم المشتركة لتحويل الأمر لشريعة التفاهم الديني حسب مدعاهم ولكن الأمر ظهرت فيه ألاعيب عجيبة جعلت من الكل في مواطن الحيرة موطنا.. مع الحفاظ على ما يريدون المحافظة عليه..
فأول ما ظهرت في الدين الإسلامي كانت على شكل فتاوى الولاة وحرب معاوية بن أبي سفيان مع أمير المؤمنين عليه السلام حيث قام معاوية برفع المصاحف . ونادى المنادي أنتم مسلمون ونحن مسلمون فلم القتال.. في لحظة انهار فيه جيش معاوية… وقامت النداءات على الإنتخابات رغم أن الإمام عليه السلام منصب من قبل الله سبحانه وتعالى لخصوصيات فيه عليه السلام لا توجد في معاوية..
وحدث ما حدث..
واليوم نرى بأن المصطلحات الحديثة دخلت للدين الإسلامي عبر قنواته بطريقة ملتوية.. فالموضة المحرمة.. تحت ذريعة رواية خلقوا لزمان غير زمانكم.. والله جميل يحب الجمال .. ولا ينظرون لتحريم لباس الشهرة..
والمصطلحات الدينية غيرت بحسب الطريقة نفسها مستغلين الفنون اللفظية التي قد تخدم مسعاهم..
ولكن!
ألا يمكننا ملاحظة أن الآية تحصل أخيرا..
أي أننا لا نراهم يستدلون بالآية في البداية ولكنهم يستدلون بالآية على وجود النتيجة.. فمثلا .. لو قام عمرو بأذية جاره بالسب واللعن والشتم .. فكان ردة فعل جاره أن عامله بالمثل .. ثم جمع عمرو الناس وقال : قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم … وهل يعتبر الفوز في مسابقة الرقص والغناء إنجازا .. وتوفيقا من الله سبحانه.. وهل يمكن أن نقول بأننا بلد إسلامي وفزنا على بلد كافر بالرقص والغناء .. نصر من الله وفتح وقريب..؟؟!
طبعا لا ..
فلذلك اتبعوا طريقة الإستدلال والتشويق العاطفي لتسهيل المهمة .. يعني.. أنهم قد يلجأون للمحرومين عبر تهييج حرمانهم وحاجتهم ومن ثم يحولون الأمر الى حلية السرقة .. تحت ذرائع قاعدة الضرورة التي تحلل الحرمات للحفاظ على حياة البشرية..
وقد جعلوا مناهجهم مبنية على الآيات كما حصل في حرب إيران والعراق .. حيث اتبع صدام طريقة الآيات التي تدعوا للجهاد والدفاع عن بيضة الإسلام بالدفاع عن الوطن والأرض.. بجانب دعواه باسم القومية العربية لتأليب العرب..
وقد استغلت السياسة منابع الدين أسوأ استغلال لتحقيق المآرب وتضييع المشارب .. إننا لا نكاد نحل مشاكل الناس اليوم من نفس السياسة المتبعة عندهم..
فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتبعة يجب ان تكون مصدرا للفكرة لا تأكيدا للنتيجة القياسية .. فدين الله لا يقاس بعقول الرجال.. فحينما نقرأ الآية أقيموا الصلاة فإننا نأتمر بأن الصلاة واجبة وعلينا القيام بها وأداءها وتلبية النداء الرباني.. لا أن يأتينا شخص ويقول بأنهفي الفجر مشغول وعلينا أن نصلي الفجر في الظهر ويكتب في البوسترات أقيموا الصلاة..
فلا يمكن الإستدلال بالآية بعد النتيجة.. بل يستدل بها إذا كانت أصلا وقاعدة في النقاش .. وذلك هو الأخذ بالقرآن لا أن نأخذ منه لتأكيد ضرورة نتائجنا لقياس منحرف وعار عن الصحة..
وعلى نفس الخطورة حصلت انحرافات مختلفة جراء بتر الآيات والروايات حتى اختفت المضامين وفرغت عن محتواها بالظنون المختلفة والتوهمات المتآلفة مع ما يصبون اليه من تحويل المجتمع للعالم المادي والاستهلاكي. فتارة يحكمون الشخص بأنه فعل شخصيا لشيء ما سابقا.. وقد تجعله يأخذ الأمر ويجمله على الصحة من جراء العزة بالإثم في داخل نفسه .. وتارة يكون الشاهد شعبا أو شخصا غير شخص رسول الله صلى الله عليه وآله..
وهكذا يتلاعبون بالآيات بعد تغيير عناوين الأحكام إذا عجزوا عن تغيير عناوينها بالآيات وجعل المضمون مختلفا بتغيير محتواه بعد تحويله لشيء آخر وحشوه بما يريدون !!! وبعد فترة يضيع الحق على من لم يكن واعيا او من لا يدقق فيه..
ألا ترى بأن بني أمية ربطت فيلا على باب الثعبان في زمن أمير المؤمنين عليه السلام ليمحوا فضائله .في قصة الثعبان… وبعد فترة صار اسم ذلك الباب باب الفيل!!
ولو تأملنا في الآيات لوجدناهم يتلاعبون بتسليمنا للقرآن الكريم مطلقا.. عبر المضامين والعناوين فمضامين القرآن الصادقة لا تلتقي مع عناوينهم المنحرفة للك يلجأ المغالط لجعل الآية بعد الإستدلال تابعا للنتيجة ولو تأملنا الأمر لوجدناه يؤكد على النتيجة من الآية ليس إلا !! ولكنه لا يستدل بها..
فلوا أراد الزاني تحليل الزنا فلا يقول أنه سيزني لأن ذلك مرفوض عقلا وشرعا ولكنه يقول بأنه سيروح عن نفسه ويستدل فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع !!! ويوضح بأن النكاح هو خصوص العملية الجنسية!! بينما معنى النكاح هنا هو الزواج!!
وشارب الخمر والداعي لشرب الخمر يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ يركز على المنافع للناس ويترك الباقي ليفرغه من محتوى التحريم ويشجع على فعل الحرام تحت علل وهمية يبتدعها هو للناس حتى يتحول الأمر ليكون عاديا..
فالصور التي يتلاعب بها المارقون كثيرة والداعين لفعل الحرام وخلق مضامين وهمية من القرآن الكريم كثيرون بل وجدنا البعض قد حول الألسنيات لقراءة القرآن حيث يرى بأن المعنى ليس ملكا للكاتب أو الخالق بل هو ملك للقاريء يتخير منه ما شاء حيث جعلوا العالم يموج في خطيئاته بعيدا عن الإتصال بالرب بل جعلوا المخيلة والظنون والأوهام هي الحاكمة والفيصل في كل قضية فانهمرت دماء العقيدة بين عرق عروق المكيدة!! ليكون القرآن بيننا غريبا لا يمكن الإستدلال به .. ولكن الله يحفظ الذكر وهو الذي أنزله للعباد..
لذلك صار الإنحراف شيئا شرعيا يقره القانون والعرف العام ودخل البيئة الإسلامية ملتحفا ومتلثما بشكله الجديد الذي يشرعن العملة التلاعبية..
والقضية أساسا كانت منبثقة عبر عدة صور ..
كان منها .. التفاوت .. التباين الجزئي .. العموم من وجه.. والخصوص من وجه.. سيأتي عليها الكلام انشاء الله في الأسابيع الأربعة القادمة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*