الحجاب وما أدراك مالحجاب!

image_pdfimage_print

تأريخه:
لو نظرنا إلى بعض الديانات والمعتقدات وبعض الأمم قبل الإسلام لرأينا أن الحجاب كان موجوداً ومتشدداً أكثر مما هو عليه في الدين الإسلامي الحنيف.. فالتأريخ يبرهن على أن الهنود والإيرانيين كانوا قد سنُّوا على نسائهم الحجاب قبل ظهور الإسلام والاعتقادات اليهودية تبرهن وجوده في دياناتهم بشكل متشدد يصل لذروة القساوة والحقد للمرأة ..
فمثلاً : لو نظرنا لكتاب (ثلاثة أعوام في ايران )لـ (كنت جوبيو) حيث يرى أن الحجاب لم يكن يقتصر لستر المرأة, بل إخفائها, خصوصاً إن كانت ذا جمال فإنها تخفى عن العيون, لكي يأمن الزوج على حياته وعرضه..
ويقول (ويل ديورانت) في كتابه (قصة الحضارة) :
( كان للمرأة في بلاد فارس مقام سام في أيام زرادشت كما هي عادة القدماء فقد كانت تسير بين الناس بكامل حريتها سافرة الوجه)..  إلى أن قال: (ثم انحطت منزلتها بعد دار يوش وخاصة بين الأغنياء, فأما المرأة الفقيرة فقد احتفظت بحريتها في التنقل لاضطرارها إلى العمل, وأما غير الفقيرات فقد كانت العزلة مفروضة عليهن في أيام محيضهن كلها تماماً حتى تشمل جميع حياتهن الاجتماعية .. وكان ذلك أساس نظام البردة عند المسلمين ولم تكن نساء الطبقات العليا يجرءون على الخروج من بيوتهن إلا في هوادج مسجَّنة ولم يكن يسمح لهن بالاختلاط بالرجال علنا .. وحرم على المتزوجات منهن أن يرين أحد من الرجال حتى لو كانوا من أقرب الناس إليهم كآبائهن أو إخوانهن .. ولم تذكر النساء قط أو ترسم في نقوش أو تماثيل في بلاد فارس).
في هذا الكلام نظر.. أولاً :ـ قوله (وكان ذلك أساس نظام البردة عند المسلمين) إن كان المقصود هو أن الدين الإسلامي يتخذ إجراءات قاسية وسببها كان شيوع الحجاب .. كلام غير سليم .. فمن ناحية الحائض إنها تعفى من الصلاة ولصوم ويحرم اللقاء الجنسي معها من زوجها في أيام  الحيض .. ولكنها لا تعزل عن الناس  وتسجن في غرفة مع ابتعاد الناس عنها .. بل تتعامل مع جميع الناس اعتيادياً … والقرآن الكريم يقول : (يسئلونك عن المحيض ـ قل هو أذىً) قال (أذىً) أي كمرض ما, مع مراعاة الحالة طبيعياً باعتبارها من الأمور الطبيعية التي لا تستدعي احتقار المرأة..
وإن كان المقصود أن الحجاب انتشر من الإيرانيين للمسلمين فكلامه خاطئ .. لأن آيات الحجاب نزلت للمسلمين قبل إسلام الإيرانيين ..
وثانياً: إن هذا اللون من الإجراءات القاسية في عزل الحائض كانت تتخذ حسب تعاليم الديانة المجوسية .. وقد كانت هذه الإجراءات سببا لظهور الحجاب عند الإيرانيين .. فلم تختلف قساوة الديانة المجوسية عن اليهودية بشيء بل قد كان اليهود أشد عنفاً وحقداً وتحقيراً للمرأة .. فإن (ويل ديورانت) نفسه في نفس كتابه يقول :ـ ((كان في وسع الرجل أن يطلق زوجته إذا عصت أوامر الشريعة اليهودية, بأن سارت أمام الناس عارية الرأس, أو غزلت الخيط في الطريق العام , أو تحدثت إلى مختلف أصناف الناس .. أو إذا كانت عالية الصوت .. أي إذا كانت تتحدث في بيتها وجيرانها يستطيعون سماع ما تقول.. ولم يكن عليه في هذه الأحوال إلا أن يرد إليها بائنتها)..
ونكتشف من خلال ما سبق أن تعاليم الإسلام أبسط بكثير مما سبق بصدد الحجاب .. فإن الإسلام أعطى المرأة الحق في الاشتراك في الفعاليات الاجتماعية .. والخطاب والتكلم مع الأجنبي إذا استدعت الحاجة … وغيرها من الأمور الحياتية العامة …
كما أن ويل ديورانت يقول في كتابه (قصة الحضارة) في صفحة 134:ـ
(وقد نهى النبي عن لبس السراويل الطويلة ولكن بعض العرب نسوا أمره هذا وكانت جميع طبقات الشعب تزدان بالحلي, وكانت الإناث يستهوين الذكور بصدرياتهن ومناطقهن البراقة, ونقبهن الواسعة الزاهية اللون, وكن يعقصن شعرهن على جباههن .. أو يرسلنه على جانبي رؤوسهن, أو يجدلنه فدائر تنوس على ظهورهن.. ولكن أحيانا يكثرنه بخيوط سوداء من الحرير, وفي أغلب الأوقات يزينه بالجواهر والأزهار , وأخذن بعد عام 715 يغطين بالنقاب وجوههن أسفل عيونهن .. وازداد انتشار هذه العادة تدريجيا بعد ذلك العام)..
حتى قال : (وقد ورث المسلمون من الفرس هذه العادة القديمة)..
وكما يقول أيضاً رئيس الوزراء الهندي الراحل (جواهر لال نهرو) :ـ
(رغم أن العرب قد انتصروا على الإمبراطورية الرومانية وانهوا الإمبراطورية الفارسية إلا أنهم تأثروا بعادات هاتين الإمبراطوريتين السلبية على أساس النقل التاريخي فإن عادة عزل النساء عن الرجال ونظام البردة راجاً بين العرب على أثر نفوذ الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية وبالتدرج استحكم نظام البردة والحريم وعزلت النساء عن الرجال ..)) .. ويقول أخيراً مختتماً :ـ (ومن المؤسف أن هذه العادة السيئة أضحت تدريجيا من إحدى خصوصيات المجتمع الإسلامي, وقد اقتبسها الهنود حين دخول المسلمين إلى بلادهم..))..
يتكلم (نهرو) مع (ويل ديورانت) كأن الإسلام لم يكلم أبداً عن حجاب المرأة وسرها .. ولم يعرف أبسط أمور الحجاب .. بل أخذها من الإمبراطوريتين بالتأثر السلبي .. ولكن الإسلام قد بين الحجاب ووضحه قبل فتح فارس والروم وبينه في آيات كتابه الحكيم وسنن نبيه الكريم..
فمثلا عائشة (رض) كانت دائماً تطري نساء الأنصار بقولها:ـ (ما رأيت خيرا من نساء الأنصار, لما نزلت هذه الآية (31 من سورة النور)..
قامت كل واحدة منهن  إلى مرطها المرحل فصدعت منه صدعة فاختمرت فأصبحن كأن على رؤوسهن الغربان..)). وقد نزلت آية في سورة الأحزاب .. (يدنين عليهن من جلابيبهن..) وقد وضحت الحجاب الإسلامي بالشكل المفصل الواضح ..
ومن ناحية أخرى نرى تناقض ويل ديورانت في كلامه , فتارةً يقول أن الحجاب انتقل للمسلمين من الإيرانيين بعد إسلامهم, وفينةً يقول قبل إسلامهم فما هدفه من وراء اتهام المسلمين بالتشدد في هذا الموضوع بالذات? وما هدفه من تثبيت أن الحجاب انتقل من الإيرانيين للمسلمين ? ما أراد أن يوضح تشدد الدين الإسلامي وقساوته أو نقصه باقتباسه أبسط التعاليم من غيره … لذلك قد يلجأ للتزوير والهذر…
وأما من ناحية (نهرو) حين قال:(وقد اقتبسها الهنود حين دخول المسلمين إلى بلادهم ..).. فمن المعروف أن الهنود هم أصحاب الرياضيات الروحية والرهبنة .. حتى أنهم يحرقون المرأة ويدفنونها حية باعتبارها شيطاناً ومحلاً للنزوات واللذات .. فهم أيضا كانواقد ارتدوا الحجاب قبل الإسلام بتشديد يغلب عليه طابع الضراوة..

تعليق واحد على “الحجاب وما أدراك مالحجاب!
  1. يقول اقبال:

    ربط الله روحك بروح الإمام الحجة المنتظر
    وجعلك من أنصارهـ
    اسئل الله أن حقق امالك ويريح قلبك و يقضى حوائحجك بحقه وبحق يومه الموعود

    ,

    لا عدمنا هذة الروح الطاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*