نظرة الشعوب للمرأة

image_pdfimage_print

لا أدري من أي نظرةٍ أبدأ .. ومن أي شعب ومن أي دين .. فلا يخلو شعب أو دين من ذوي الاعتقادات الفاسدة من هضمية أو احتقار للمرأة .. فعناوينهم البراقة ويافطاتهم التي يناشدون الناس بها هي قناعهم لرميها في مكانٍ سحيق غير معلوم .. ومن النوائب التي يلطم عليها الدهر أنهم استعانوا بأصوات مفكرين في المجالات العلمية لاستخدامها دليلا يرتكزون عليه في مجادلاتهم .. وفي نظر العقلاء بأن هؤلاء المفكرين إما يحكمون بالعاطفة أو أنهم أخطئوا لفساد أصل الموضوع أو الاعتقاد فلم يضلوا للنتيجة المثلى والرأي الأسمى.
لو نظرنا وعدنا بعض الخطوات للخلف .. لوجدنا أن المرأة في عصر حمورابي وقوانينه اعتدت من الماشية المملوكة .. وفي شريعته أن من قتل بنتاً لرجلٍ آخر عليه أن يسلمه بنته يقتلها أو يتملكها ويفعل بها ما يشاء..
وشريعة (مانو) الهندية لم تمنح المرأة أي استقلال في الحياة .. فإنها تفرض على من فقدت زوجها وأباها وأخاها أن تنتسب لرجل من الأقارب .. فلا تعطى ولاية أمرها بيدها .. وأنها في الغالب تحرق مع زوجها إن مات في لهب واحد..
وفي الحضارة اليونانية لم تشتهر المرأة إلا إذا كانت غانية وفاسدة … لأن اليونانيين لم يسمحوا لها بمجالٍ غير هذا المجال … فلا تسمى هذه فرصة للسمو والشهرة … وإنما قد أعطيت مجالاً للانحطاط أكثر … وأكثر….
ومن الغريب جدا أن حتى الفلسفة العادلة في العصور السالفة بخست حق المرأة العام كزوجة في الحياة الزوجية أهم حقوقها … فمثلاً … (أفلاطون) ذلك الفيلسوف العظيم بكتابه المشهور (المدنية الفاضلة) له رأي غريب جدا وهو أن المرأة يجب أن تتفرغ للولادة فقط إن كانت زوجة, فتتولى السراري والإماء تربية الأبناء … وكأنما قد أستكثر على المرأة أن تكون أما, أو زوجة تدير الأمور المنزلية , أو مربية ترضع أطفالها وتربيهم وتعظهم .. الخ, بل جعلنا أفلاطون في نظره كأنها حظيرة أو قطيع من النساء مباح للذات … فلا أدري كيف تعتبر هذه المدنية فاضلة إن كانت نساؤها هكذا ?! وكيف تعتبر عادلة إن كان يعامل نصف المجتمع معاملة الدابة التي تنجب وترمى?!!.
وفي عصر الفروسية كانت لا تستطيع أن تشاور زوجها أو ترد عليه بمشورة تخالف هواه .. بل قد تزف إلى رجل لا تعرفه لتسهيل صفقة ما .. أو خدمة سياسية حربية ما .. أو مجاملة ما .. الخ .. وقد تعيش أجمل الجميلات أو أذكى الذكيات أو أثقف المثقفات مع شخص غبي مجنون همه الحرب, أو أي لا يعرف القراءة ولا الكتابة لمجرد أنه فارس مما يعرضها للحياة القاسية الشقية مع شخص جاهل .. وغالبا ما تتعرض للضرب المبرح والاعتداءات الجسمية .. بينما هي تستحق المعيشة الأفضل على ما تمتلك من قدرات ترفع من مكانتها…
حتى في زمان الجاهلية عند العرب, كان إذا بشر أحد الناس بمولود أنثى يحزن حزناً شديداً فيئدها ويدفنها خوفاً من العار, وكان الرجال يتوارثون النساء كما يتوارثون الدابة المملوكة .. وغيرها..
إلى أن جاء الدين الإسلامي نابذاً كل ما سبقه من أفكار ومعتقدات رافعاً من مكانة المرأة من الحضيض إلى الثريا .. فجعل لها الحق في أن ترث مثل نصف حظ الذكر, فأعترض الغربيون عليه يطالبون المساواة .. فأولاً: إنها لم تكن لترث في أديانهم ومعتقداتهم وأفكارهم السابقة إلا بعد مشقة, كما جاء في الإصحاح السابع والعشرين العدد أن بنات صلفحاد ابن حافر ( وقفن أمام موسى واليعازار الكاهن, وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات: أبونا مات في البرية ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح بل بخطئييه مات ولم يكن له بنون .. لماذا يحذف اسم أبينا من عشيرته لأنه ليس له ابن . أعطنا ملكاً بين أخوة أبينا !! فقدم موسى دعواهن أمام الرب. فكلم الرب موسى قائلا: بحق تكلمت بنات صلفحاد. فتعطيهن ملك نصيب بين أخوة أبيهن وتنتقل نصيب أبيهن إليهن ..الخ )) .. فأصبحت ترث وتملك وتتاجر وتختار شريك حياتها بالموافقة أو الرفض … الخ .. فجعلاه الدين الإسلامي مستقلة بحياتها ومصيرها..
أما عن (عبّاد الشهوة) الذي قد سماهم الغربيون مفكرين كفرويد فقد رأى بأن المرأة أداة لذة ومتعة فقط, لذلك دعوا إلى التحلل من كل قيد اجتماعي عرفي واعتبروا القيم والمثل أموراً وأفكارا رجعية تضر المجتمع ولا تنفعه … رافعين لأجل هذا الهدف اللاإنساني شعارات ويافطات تحمل في ظاهرها ألواناً من الإنسانية وفي باطنها لمن يتفكر فيها أهدافاً غير شريفة. يتبعه مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*