بين الأذان و الإقامة

image_pdfimage_print

طالما أن الأذان إعلام لدخول وقت الصلاة، فالإقامة مفتاح للدخول في رياضها، و لكل منهما استعداده الخاص للخوض فيه و الامتثال المعنوي الخاص ، لذا فإن الخروج من الأذان إلى الإقامة يحتاج لصلة تدريجية نوعا ما ، و التهيؤ للدخول من باب العبادة .. و الوقوف بين يدي الجبار الغفور ..
عن الإمام  الصادق عليه السلام  قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه : من سجد بين الأذان و الإقامة فقال في سجوده : ( سجدت لك خاضعا خاشعا ذليلا ) يقول الله جل وعلا : ملائكتي و عزتي و جلالي لأجعلن محبته في قلوب عبادي المؤمنين و هيبته في قلوب المنافقين ..
من الواضح للعيان  أن الخاشع الذليل لله تعالى يعزه الله بين الناس و ينصره نصرا عزيزا ، فالخشوع بذلة النفس له جزاء العزة ..
عن ابن أبي عمير عن أبيه عن الإمام الصادق  عليه السلام قال : رأيته أذن ثم أهوى للسجود ثم سجد سجدة بين الأذان و الإقامة فلما رفع رأسه قال : يا أبا عمير من فعل مثل فعلي غفر الله له ذنوبه كلها و قال : من  أذن ثم سجد فقال:( لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاشعا خاضعا )، غفر الله له ذنوبه كلها..
فالخشوع هو الصلة الواقعة بين النداء و الأداء ، أي أنه الاستعداد الروحي المتضرع للرب الجليل و الحلة الأولى التي يلبسها المؤمن لمناجاة المهيمن ، فالمؤمن يستغل هذه الفرصة الذهبية ليتفاعل ذاكرا ذنوبه بمشاعره اللهبية ، من هنا يبدأ تصور المثول أمام المولى ومن هنا يبدأ التقلقل و التباكي أو البكاء ..
فأقرب ما يكون فيه العبد للمولى هو السجود ، ففيه يعترف متضرعا بنكران الوجود .. فعليه في هذه اللحظة بذل الكثير الكثير من المجهود ..
عن علي بن مهزيار عن الحسين بن أسد عن جعفر بن محمد بن يقظان رفعه إليهم : قال : يقول الرجل إذا فرغ من الأذان و جلس : (اللهم اجعل قلبي بارا و رزقي دارا و اجعل لي عند قبر نبيك قرارا و مستقرا )..
فالواضح بأفصح الأقوال أن لحظة الأذان و الإقامة لحظة يجب أن لا تفوت لعظمتها التي فيها الدعاء لا يموت ، فليستغلها العبد بكل ما أوتِ ،فهي تجمع للعبد منفعة الدارين الرزق و الرق ..فمن أراد الوقاء فعليه بسلاح البكاء ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*