التبليغ

image_pdfimage_print

الدعوة إلى الحق والصراط المستقيم تحتاج إلى أساليبها الجيدة التي تبرز المعالم الحقة لما يصبو لحقيقة الداعي، وقد وردت في الشريعة السمحاء أساليب وسبل مختلفة لتحقيق البلاغ الديني، كقوله تعالى [ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ] الآية وغيرها من مفاهيم مدارس التبليغ الإسلامي المعروف.. وأظن بأن في فصل الإعلام الديني قد أوضحت ادوار الخطباء وهم اعلم مني بدورهم لكونهم أهل الاختصاص ولكن سبيل البحث تطلّب البيان – والصحافة الدينية.. وهنا نتكلم عما يبلغ عنه المبلغ ومتطلبات الأمر التبليغي لكي لا يخلق المبلغ قاعدة أذهان الناس تكون مخطئة في اطرادها وغير عملية في تعميمها..

على سبيل المثال كان هناك احد الخطباء يقول للناس بأن الإفطار في السفر هدية من الله ولا نستطيع رد الهدية!! فسافر المستمع وأفطر مع قطع المسافة، وانتقد كل من لم يفطر أو كان ناوياً تجديد النية إذا رجع قبل الزوال قائلاً كيف تردون هدية الله؟! ولماذا تختالون على الدين؟! فالعمومية والخصوصية يجب توضيحها المنع الاطراد فيما لا يطرد.. فالخطيب الناجح والمبلغ المثالي يجب عليه ان يكون ملماً بفنون الخطابة علمياً ومنطقياً ليحقق لنفسه الهدف المناسب والسيطرة الخاصة بطرحه العلمي حيث يدرك المستمع له حقيقة المراد بعيداً عن هواجيس الاطراد والتنظير الغير مجدي.. فمثلاً لو أدرك المبلغ حدود الحدود منطقياً لكان لكل حد عنده محاضرة واضحة المعالم يمكن من خلالها بناء المبنى العلمي الصحيح في المحاضرات الآخر، ولكن عليه الابتعاد عن التشعب والتعقيد في محاضرة لن يلقي غيرها، ويتضح بحكم الغربة ان المنهجية ضرورية في تفعيل المحاضرات ومراعاة اكتمال الفكرة لازم له، وملازم لتأثيرها..

ففي محاضرات التفسير يجب عليه ان يشير لأقوال علماء هذا الفن حتى يدرك السامع كبقية ومنهجية البحث المطروح، ويشير قبال نفس الأمر لما يحتاجه الباحث من العلوم غير التفسير لتحقيق المعنى المأول ان وجد وذلك لضمان الثقة العلمية فيما يطرحه وحفظ حقوق صاحب الفكرة وتامين عدم التلاعب لدى المستمعين أو التوهم وعم ترك ثغرة تمكن لذلك الأمر أو تتيح معناه بشكل عام.. والإلمام بفنون اللغة ومعارفها البلاغية ضرورية كتقييد المجاز وقرينة أرادة المعنى للمشترك اللفظي وبيان الحقيقة في توضيح الأمور المتعددة المعنى كالاستعارات والكنايات وغيرهما، والمدار قائم بحسب المعنى ودفع الاغيار عنه لكي لا يتطرق الوهم للتفكير بشكل أو بآخر..

وكذلك بيان الأحكام الشرعية ان تعلقت بعرفٍ ما دون آخر وتغييرها بتغيره ان وجدتا لكي لا يظن المكلف بأن عرفه هو الدين وان الأعراف الباقية ساقطة، كلباس الشهرة والبسة الحداد وغيرها.. فالابتعاد عن الفنون اللفظية والبلاغية في بيان فقهي خير ما يحتاط به المبلغ في حالة طرح المسائل الفقهية والعقائدية.. فعلى عموم الأحوال ان المبلغ أدرى بكيفياته كصاحب اختصاص وهو ابرع واقدر في اختيار الآليات العملية للتحصيل الأنفع.. ولكن المشاكل القائمة في مجتمعاتنا اليوم واضحة المحل من حيث استدلال العوام بكلام الخطباء والمبلغين، ولذلك تدخل المتخصصون بمنع طرح الفتاوى الشاذة على الملأ كي لا تتعارض معلوماتهم الخاصة المسلّمة والمستحصلة مع من يقلدونه فتحصل الحيرة ويستفحل التشويش.. والخلل الموجود حالياً من جراء ذلك يقع على عاتق الطرفين بحيثيات كثيرة فالمخاطب – يخفض الطاء – قد يُلام على تقصيره ان وجد، والمخاطب – بفتح الطاء – كذلك إذا أول وغلل على ما يبغي ويهوى من المعاني، كالذين يحرفون الكلم من مواضعه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*