الفــن و الصنـاعـة

image_pdfimage_print

من المتعارف عنـد كل عارف بأن الصناعة : هو كل ما كان له تطبيقا فعليا في الخارج ، و الفن كذلك ، لكنه يتميز بإظهار جودة الصناعة والعمل بالكيفية المقبولة لدى المطلع عليها ، فهذه المعلومة فكــرة معروفة و معلومة ..
لهذا ، كان مما لا بد منه معرفة الفنون العبادية قبل الدخول في حضرة القداسة الأنقيادية ، كي تتمثل النفس و تتشكل في قوالب الأهداف الارادية طاردة كل الهفوات اللاإرادية ، فتنصب  بمشاعرها مشعلة منصهرة في  كؤوس الخشوع و العبودية ،و هذا يتطلب تهذيب  السلوك من المقدمات للمتممـــات كما قال السالكون بالأخذ مما روي عن أحوال أهل البيت عليه السلام حين مقابلة ملك الملوك في الرخاء وحين التمام الملمات ..
فعلينا أولا الاستعداد بالتمهيد للقاء الرحيم الشديد ، آخذين في الاعتبارات العقلية بأنه لا تنفتح أبواب الإنارة الغيبية إلا بمفاتيح الطهارة القلبية ، وهي لا تتحقق إلا بإزاحة الأفكار الريبية . للولوج بالرقي لمدارج  الفنون و التلذذ بألطاف من هو أكثر من قلب الأمهات حنـــــون..
فمما هو مفروغ  منه ، و معلوم عنه ، أن الصلاة هدية لخالق البرية ، ومعبرة عن الشكر له  بأذكار سرمدية توقظ البشرية من صنوف الغفلات ، و تجعله يستغفر المتعال  الغافر بالدموع والآهات ، فلذا قال عنها سيد البريات: (الصلاة صابون الخطايا) ، وكانت أول شهادة من الموالي للآل الأطهار في شتى الزيارات : ( أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر…)(1) فهي (عمـــود الدين) إذا ما اختلت بركن من أركانها عمدا أو سهوا أو تهاونا خرت خيمة الدين ..  فهي قرة عين الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم ، و حليفة البتول عليها السلام و حضرت الحسين عليه السلام في كربلاء  تنعشه  في حرارة تلك الفلول ..
أرأيت لو عالجك طبيب بشفاء خدوش أو جرح ، لتملكك الفرح ، ستشكره ولن تسترح حتى تنفق له هدية برضا قلبك السمح ، فكيف بالخالق الجليل ؟؟! الذي أوجدك ؟ والطبيب الذي بغيره الشفاء يستحيل، ألا تهديه الركوع بالخشوع ؟؟!والسجود بالخضوع ؟!!
فعلى الداخل في العبودية ،و فاتح مصاريع أبواب العبادات المرجية أن يعلم بأن قدسية المولى جل وعلا عن صلاته غنية ، فلا يزكين نفسه عن النفوس الغيرية ، فإنه لا بد أن يلحظ ما فيه من سلبية ، فيخطرها لحصول السببية ،للخضوع تحت ضلال الربوبية ، و الابتهال بالمأثور من أقوال الآل عليهم السلام..
فالصلاة عند أهل الصناعة الفقهية هي تلك الأفعال والأقوال من ركوع أو سجود أو تكبير مقرونة  بالنيــة فإن كانت بهذا الوجه مأتية فهي مجزيـة ، ولكن أهل الفنون يزيدون ويضيفون بأنها لحظات اللقاء العشقية و التلذذ بالرقية ، فوضعوا لها التمهيدات والاستعدادات والكيفيات المروية والعلاجات الشافيـة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*