فنيات العبادة

image_pdfimage_print

بسم الله الرحمن الرحيم…
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين..

ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي…

°ˆ~*¤®§(*§*)§®¤*~ˆفنيات العبادةˆ~*¤®§(*§*)§®¤*~ˆ°

كثير من الناس يتمنى ان يتفنن في الصلاة والصوم والزيارة … ولكن الجهود المبذولة تكن غالبا في التركيز على الألفاظ او الحركات وجودة الإتيان بها على نحو تكميلي او تقليدي لعرفاء العصر.. وذلك لا مشكلة فيه..
فالبعض من الناس ينظر للعملية على انها جعل الكلام كالنطق الأعجمي تقليدا للعرفاء من دول أخرى .. ولكنه يبطل صلاته مثلا نظرا لكونه قادرا على الإتيان بالألفاظ على فصاحة أفضل ممن يقلده في النطق..
والبعض الآخر يطيل النطق في الآيات حتى يصبح الأمر وكأنه يمد مدة إضافية على الآية القرآنية فتبطل القراءة نظرا لكون المد الإضافي أشبه بإضافة حرف ان لم يكن الأمر هو هو..
وهناك من يغمض عينيه ويخالف السنة الشريفة وهناك من يفعل أمورا لا دليل عليها.. فيقع بين نقصان الثواب والبطلان..والإستحداث في العبادات هو أقصى ما يكون من الحساسية .. لأنه حينئذ يكون أقرب للبدعة والضلالة..
وباقي الناس في حيرة من أمرهم .. فأمر التطوير ضروري لا محالة..فيقلدون تارة ويتوجهون أخرى ويتباكون على نحو الرنين الصوتي اللفظي من حروف الآيات وكلماتها..
ولكن الأئمة العظام عليهم السلام قد بينوا في مواطن عدة بين سطور كلماتهم بعض الآليات الفنية التي لا يستوحيها الا الباحث المنقب في رواياتهم عليهم .. وجمعا بين الأدلة فقد استخلص كثير من العرفاء محاور مهمة كانت سببا لفتح آفاق التفنن في العبادة..
فهناك عدة محاور تخص ظرف العبادة..
الظرف الزماني: فالمتعبد يختار أول الوقت ليقوم بفرائضه.. ويسارع إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .. والمسارعة تكون كذلك على النحوين الزماني والمكاني .. ولكن تقدير الآيات لنيل المغفرة فيكون الأمر زمانيا بحسب الظهور .. ولعدم وجود مكان مخصص لنيل المغفرة حتى يتخصص الأمر بكليهما الزماني والمكاني.. فاختص الأمر بالمسارعة الزمانية..
وكذلك فهناك زيارات وأدعية مأثورة وتسبيحات معروفة تختص بالزمان كأدعية الأيام وتسبيحات الصباح والمساء والزيارة الرجبية …وغيرها..
وكذلك فالصلاة في أولها جزور وفي آخرها زرزور.. كما قال أمير المؤمنين عليه السلام..
وهناك صلوات تختص بالزمن كصلوات أيام الأسبوع.. الخ
الظرف المكاني:وهو كون الصلاة في المسجد الحرام او مسجد السوق او مسجد القرية. الخ كل ذلك له مدخلية في التفنن العبادي..كزيارة الحسين في كربلاء وزيارة الحسين في البيت الحرام وزيارة الحسين في مسجد القرية.. فللمكان تأثيره الخاص ومؤثراته العامة..
وقد يتداخلان : المكاني والزماني .. كأن تكون هناك رواية باستحباب قراءة سورة الكوثر في يوم الإثنين مثلا ونقرأها في البيت الحرام يوم الإثنين..فيتضاعف الأجر لقراءة القرآن الكريم في المسجد الحرام والسورة التي روي عن استحباب قراءتها يوم الاثنين..
وهكذا فإن العبادات تتداخل زمانيا ومكانيا كما وأن للزمان زالمكان تأثير في بطلانها..
الزمان: لا يجوز صوم العيدين.. لا يجوز قراءة السجدات الواجبة حال الجنابة..الخ
المكان : لا تجوز الصلاة في المكان المغصوب..
فتأثير الزمان والمكان وارد في الأعمال والعبادات كما ولهما الفضل في الإتيان ولهما السبب في البطلان..
فمن شاء ان يتفنن في العبادات فليراعهما ليحقق مضاعفة الأجر حسب استطاعته..كأن يصلي في مساجد القرية أو في المراقد المقدسة.. الخ.. في أيام الجمع مثلا..
ولو قام المكلفون بجمع جدول لمستحبات السور وأيامها من بطون الروايات وكتب الأدعية كان حسنا للإتيان بالفرائض بأحسن حال ممكنة..
وبقي هنا أمر واحد ومهم..
وهو أن الحالة التي يتلبس فيها العابد لها تأثيرها في ادارة هندسة العبادة.. فالذي لا يستطيع البكاء يتباكى.. وهكذا كما ولأحوال الأئمة العظام عليهم السلام الدور الفاعل في التعليم لمثل هذه القيم النورانية.. فإليك من علل الشرائع للشيخ الصدوق علل كثيرة فيما يخص العبادات يمكن ان تطور فنيات العبادات بعد معرفة الأسباب..
والحالة الصادقة تتجلى في معاني الفناء والتفاني الروحي بين العبد والمعبود في علقة من شأنها أن تتطور عبر التعمق في التفكير والتفكر بهذه العلاقة..
فلو علم المكلف مثلا بأن الركعة تساوي السجدتين لآتى الركعة حقها لكونها واحدة كما يأتي حق السجدتين..
ولو علم المكلف ما يضمره في نفسه حال التكبير بتكبيرة الإحرام.. لعرف فعلا كيف يراعيها..
ولو علم المكلف لماذا يتوضأ بالشكل الذي هو عليه الآن لعرف كيف يؤتى الوضوء حقيقة..
ولكن الأمر إن كان الإنسان لا يهتم بمعرفة مثل هكذا أمور فكيف سيتطور أو سيطور من نفسه والحال البقاء على نفس الحال..
ويجب ان يكون المتفنن عارفا بأحكام القراءة والصلاة.. فمثلا في علم التجويد هناك أحكام كثيرة وتطبيقات لو فعلناها لبطلت اللاة والقراءة لا محالة .. فهناك من يقرأ بأحكام علم التجويد كاملة والحال ان بعض الأحكام في علم التجويد مبطلة للصلاة والقراءة.. وقد سمعت البعض يترنم بها في صلاته!
كما وأن التصرفات التي تبطل الصلاة لها دورها في احباط التطوير والتصرفات المكروهة كذلك كالتمطي والتثاؤب..
ومن التلبس بالحالة الشعور بأنك ماثل أمام الله بحيائك وخوفك.. وهذه الكلمة تحتاج لبيان بسيط..سأل أحدهم الإمام الضادق عليه السلام: يابن الزهراء كيف نستحي من الله؟؟ فقال عليه السلام: كما تستحي من أكابر وكرام قومك!! لذا فإن استحضار حالة الحياء من الله سبحانه وتعالى تحتاج لتأمل قوي .. لأن الحياء من الله سيكون أعظم من الحياء من البشر وتلك مرحلة تتقق بأنك ماثل أمام المولى جل وعلا بتأملاتك لدرجة تنسيك نفسك حتى تقوم تلقائيا بالصلاة متلبسا بالحالات التي وردت عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام.. وذلك لا يحصل بيوم ولا في لحظة .. وإنما يحصل بالتدريب والمواجهة اليومية حتى ستدرك نفسك بأنك تقترب يوما بعد يوم..
وللوصول لهذه الحالة يحتاج المكلف للقراءة عن الرحمة الإلهية والرأفة المقدسة .. ومعرفة ماورد عن صفات الله سبحانه ليتمكن من تدريب نفسه للوصول فإن من لا يعرفه لا يصل لعدم المعرفة..يعني لو أرسلناك لمكان لتدعو لنا شخصا دون وصفه ومعرفة إسمه هل تستطيع؟؟ قطعا لا..
قراءة مناجاة الإمام السجاد عليه والتأمل فيها لمعرفة الرب المعبود.. وكيفية مناجاته..للتعرف على أسباب ارتعاش إمامنا سيد الساجدين في قيامه وسجدته..
فإنه لا يمكن التعلق بالمولى بلا خلق العلاقة.. وكما ورد في الحديث القدسي بماهو معناه: كذب من زعم انه يحبني فإذا جن عليه الليل اتكأ على جانبه ونام! ألا يحب العاشق ان يلتقي بمعشوقه في جنح الظلام؟؟!!
أحس بأن الموضوع قد وضحت ملامحه..
فاعذروا خادمكم الصغير على التقصير..
والحمد لله رب العالمين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*